البحث العلمي وسؤال التنمية في المغرب
بقلم: حفيظ الموكي – karwatya.com
المقدمة
يُعدّ البحث العلمي الركيزة الأساسية لأي مشروع تنموي حقيقي. فالتنمية لا تتحقق عبر الخطابات أو البرامج فقط، بل من خلال تراكم معرفي قائم على الملاحظة والتحليل وإنتاج الحلول. غير أن واقع البحث العلمي في المغرب يثير تساؤلات جوهرية حول مدى استقلاليته، وشروط ممارسته، وقدرته على التأثير في القرار التنموي.
يهدف هذا المقال إلى مناقشة العلاقة بين البحث العلمي والتنمية، وتسليط الضوء على المعيقات البنيوية والفكرية التي تحدّ من فعاليته، مع طرح تساؤلات حول دور الصحافة والحرية الفكرية في دعم البحث العلمي.
إشكالية البحث
هل يمكن الحديث عن بحث علمي حقيقي في المغرب في ظل القيود الفكرية والمؤسساتية التي تحيط به؟ وإلى أي حدّ يمكن اعتبار البحث العلمي، بمختلف تجلياته الأكاديمية والإعلامية، أداة فاعلة في خدمة التنمية والوعي المجتمعي؟
الفرضيات
- البحث العلمي في المغرب موجود، لكنه يعاني من ضعف في البنية التحتية والدعم المؤسسي.
- حرية الفكر والتعبير شرط أساسي لتطور البحث العلمي.
- يمكن اعتبار الصحافة شكلاً موازياً من أشكال البحث العلمي الميداني.
إمكانيات ممارسة البحث العلمي في المغرب
تُظهر التجربة الجامعية في المغرب محدودية فرص ممارسة البحث العلمي لدى الطلبة الموجزين في الدراسات الأساسية، بسبب ضعف الإمكانيات، وقلة المختبرات البحثية، وانغلاق التمويل. غير أن الرغبة في المعرفة تبقى حاضرة بقوة، خصوصاً لدى الشباب الذين يدركون أن البحث العلمي ليس امتيازاً أكاديمياً بل واجباً إنسانياً في خدمة المجتمع.
الإنسان في قلب التنمية
يحتاج الإنسان إلى إشباع حاجاته البيولوجية (الغذاء، الماء، الاستمرار)، لكنه لا يكتفي بذلك، إذ يسعى كذلك إلى الأمن، التقدير، والاحترام الذاتي. هذه المستويات لا تتحقق إلا عبر بيئة تسمح له بالتفكير الحر والمشاركة في المعرفة. فالتنمية لا تنفصل عن الحرية؛ والعلم لا يزدهر إلا حين يُعتبر أداة للتمكين الإنساني، لا وسيلة للهيمنة أو السيطرة.
علاقة البحث العلمي بالتنمية
البحث العلمي الحقيقي هو الذي يدرس المؤهلات والإشكالات، ويحلل الظواهر في امتدادها وتأثيراتها، ويقترح حلولاً واقعية قابلة للتنفيذ. لكن في المغرب، غالباً ما يبقى البحث الأكاديمي منعزلاً عن القرار التنموي، ويُختزل في تقارير لا تصل إلى دوائر الفعل. السبب يعود إلى غياب التنسيق بين الجامعات والإدارات، وضعف ثقافة الاستفادة من نتائج البحوث في السياسات العمومية.
الرقابة على الفكر وتضييق حرية السؤال
من أبرز معوقات البحث العلمي في المغرب الخوف من السؤال. فالباحث، مثل الصحفي، يُنظر إليه أحياناً كمن “يتجاوز الحدود”. الرقابة الفكرية، سواء كانت رسمية أو ذاتية، تخلق مناخاً من الصمت والاحتراز، وتحول دون إنتاج معرفة نقدية حرة. الصحافة، في هذا السياق، ليست مجرد وسيلة إعلام، بل هي ممارسة بحثية تسعى إلى فهم الواقع وطرح الأسئلة، غير أنها بدورها تواجه تضييقاً، مما يعمّق أزمة حرية الفكر.
الإنسان البدوي ونمط الخوف الاجتماعي
لا يزال الإنسان المغربي في العديد من المناطق يعيش بمنطق التحفظ تجاه المؤسسات الرسمية، خوفاً من المراقبة أو العقاب. هذا السلوك ينتقل إلى الباحث نفسه، الذي قد يتحول إلى موظف يخاف
